بسم الله الرحمن الرحيم
1- معنى التربية ونشأتها في الإسلام :
تعني كلمة التربية كما وردت في معاجم اللغة ( التنمية ) يقال :رباه: نماه , والتربية ببساطة : وسيلة أي نظام أو مجتمع لبناء الإنسان وفق تصورات هذا النظام , أو ذلك المجتمع , وبناء الإنسان هنا , يعني تهذيبه وإصلاحه , وتنمية قدراته العقلية والجسدية , والروحية والعاطفية , والأخلاقية والسلوكية, وذلك لإقداره على كسب حياته الدنيا في مستوى يليق بكرامته كإنسان ,وكسب حياته الأخرى في مستوى يرضى عنه ربه وخالقة , والتربية بهذا المعنى جزء من صميم النظام الإجتماعي الإسلامي , ولقد قامت التربية في الإسلام على عنصرين مهمين هما : القران الكريم والسنة المطهرة , وبهذين المصدرين سبق الإسلام ما عداه من حضارات في صيغة مثل وقيمة ذات خصائص واضحة المعالم , بارزة السمات , فكانت التربية , وكان التعلم هما الأصل الذي يقوم عليه الدين , ويهدف إليه , فليس الهدف من التعلم حشو الذهن بالمعلومات , إنما الهدف منه : تربية الإسلام , وإنتاج إنسان منتج يخدم نفسه ومجتمعة وأمته ومن هنا فقد وضع الإسلام الأساس التي ينبغي أن يسير عليها كل من المعلمين والمتعلمين .
2- خصائص المعلم الجيد :
المعلم الجيد هو من يضع نفسه موضع القدوة لمن يأخذ العلم عنه , قال عقبة بن أبي سفيان لمؤدب ولده : \" ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح بني إصلاح نفسك فإن أعينهم معقودة عليك , فالحسن عندهم ما استحسنت , والقبح عندهم ما استقبحت \".
كما أن على المعلم أن يتجرد لله عز وجل فيبتغي من علمه مرضاة الله وإرشاد الخلق إلى الحق , وتكثير العلماء , وتقليل الجهلاء , كما أن عليه أن يظل مشتغلاً بالعلم قراءة وإقراءً ومطالعة ومذاكرة وتصنيفا.
ومن الآداب التي يجب أن يراعاها المعلم في نفسه :المداومة على الطهارة والنظافة والتطيب , ويصون مجلسه من اللغط والغلط .
ومن آدابه مع طلبته :أن يرغبهم في العلم ويخلص نيته لله في ذلك ويعامل طلبته كبعض ولده , ويعدل بينهم ويسعى في مصالحهم ويقومهم على الطريق القويم .
3- بعض آداب المتعلمين :
للمتعلم آداب يجب أن يراعيها في نفسه , ومع علمه , وفي درسه م هذه الآداب : تطهير قلبه من آفاق القلوب الكثيرة , وأن يحسن النية , ويأخذ نفسه بالورع وينقاد لمعلمه ويحترمه , ويعرف له حقه , فقد رفع الله قدر العلماء في كتابه الكريم وكرمهم حيث قال \" يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11) سورة المجادلة . وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ. أخرجه البخاري في \" الأدب المفرد \" ( 358 ) و أحمد ( 2 / 207 ).
ومن آداب المتعلم – كذلك- الانتظام في الدراسة والتحصيل وبذل الجهد في ذلك ,
قال الشاعر :
بقدر الكد تكتسب المعالي* * * ومن طلب العلى سهر الليالي
تروم العز ثم تنام ليلا* * * يغوص في البحر من طلب اللآلئ
علو الكعب بالهمم العوالي* * * وعن المرء في سهر الليالي
تركت النوم ربى في الليالي * * * لأجل رضاك يا مولى الموالي
ومن رام العلى من غير كد * * * أضاع العمر في طلب المحال
فوفقني إلى تحصيل علم * * * وبلغني إلى أقصى المعالي
وقال آخر :
إذا كان يؤذيك ريح الخريف* * * ويؤذيك حرّ المصيف وبرد الشتا
ويُلهيك حُسن زمان الربيع* * * فأخذك العلم قل لي: متى؟!
وهكذا نرى شمولية الإسلام وعظمة منهجه في التربية والتي راعى فيها جميع جوانب العملية التربوية ووضع الأسس الشاملة التي يسير عليها الناس في هذا الأمر .
دمتم بحفظ الله ورعايته