مضت خَمس أيام لم يَرَ فيها شَخصه ولكنها الأفكار التي لطالما دعته لرؤيته كانت تُركل بقدمه بعيداً الى السماء، حيث ارواحهما تتلاقى سراً هناك. على غفلة هبط صديقه في غير موعده، فليس هذا وقته المناسب، ولا مكانته المناسبة، هو لا يملك لصديقه أي حلم ولا أي فكرة حمقاء تجمعه به. هو الآن يذكرُ ملامحَ وَجهكِ وتفاصيل حُلمه الخيالي الذي راوده فترة ما قبل جاهليته الأولى.
هي انتَفَضَتْ وارتَفَعتْ عندما سَأَلَتها أمها عن أحواله، أجابتها قائلة: هو فقط ينشغل الآن بدراسته. فتمتمت أمها وذهبت مُسرعة لرفع سماعة الهاتف، انسابت هي بين كَراسي غرفة الضُيوف الى غرفتها، بخطى مُثقلة بآلاف المعانات والآلام والهموم، والتي كانت تُباطىءُ ثوانيها المتَبقية للوصل الى غرفتها.
تَوَجَهت حيث تَرقُدُ صورَتُه على الجانب الأيمن من مرآتها، كان كغير عادته هذه المرة، فهل يمكن أن يكون هو على سماعة الهاتف؟
اقتَربت من صورته خُطوةً بمقاييس الأهرام، تأَمَلَتهُ مُفرجة عن أول تنهيدةٍ، ودأبت بتشتيت ما تبقى من احاسيسها بالتفكير بمقولته التي كان يرددها دائما: "هي الذكرى تبقى كفرعونْ شامخة في أعماق تجاربنا".
التَقَطَتْ أنفاسه من صورته التي تستوطن واجهة خزانتها، وجمعت ما تبقى من أنفاس صورة أخرى صارت تغطي مرآتها بالكامل، اقتربت حتى تحسست وجهه وانفردت بآخر نفس ٍلها قائلة: أهديك أجمل قبلة تعلمتها -شَعَرَ هو بسعادة عينيها، فقد كان في صورها حيٌ يُرزق-، قُبلة كلها حنين لبلدك، قبلة مغاربية معمقة الاحساس.
منقووووووووول,,,,